الغضب الدفين
ألا قل لــي لأي القوم أنتــم ؟
ودع عنك المديح وكن سكينا
أضعتكـم كل وارثــة بأرضـي
وبعتـم في سمـاهــا كل دينــا
لقد ذهب الصدوق فمن ننادي
إذا لعب الخؤون وصار فينـا
أئِفك أن نراهــا في حمــانــا
ونهتف من جنون كان زينـا
ونعلم أن الحق بالإنصاف حق
وإن بطش اللئيم مصــابرينا
فــأي الـدار دار نحــن فيهــا
ونُصرع في رباهـا مكبّرينــا
فـلا عدل ينيـر رحاب قومي
ولا ظـل يطــول فنستكينـــا
فــأي العذر يــا قومي تعالوا
نحاكي النـار بالشر المبينــا
لنحرق كل من أبدى خنوعا
وخوفــا من غزاةٍ عـابثينــا
مـن الأعوام ستــون تباهت
بها الأعداء غدرا نـاصبينــا
ونحن في الحما نبني قصورا
من الأوهــام جهلا عـابثينــا
ونكيل في الفشل الذريع مديحا
ويضحك بعضنا ضحكا مشينا
أيــاا قومـي دعونـا من كـلام
عقيــم لا يفيـد إذا مضينـــا
فأهــل الـدار قد أبلــوا ولكن
علينــا أن نكـون مجنّدينـــا
وأن نبني جسور النصر نصرا
بوجــه الــذل إنصافــا لدينـــا
نعم قدس العروبة في حمانــا
فكيف اليوم نسقيهــا المعينــا
لنرويهــا جهــادا كـي نبــاهي
بنا الدنيا وفاء وإنصارا وحينا
سنسقي الأرض بحرا من دمانا
ونسوم الموت سيفا شاهرينــا
وأبنــاء الحجــارة رمـز عــز
ومقلاع الشهيد سوطــا رنينا
لأن الحتف في المقلاع شهد
سراجا في الوغا درعا ثمينا
نعم كونـوا دعاةً ولا تبالــوا
فإن الحق لا يرضـى الأنينـا
فلسطين بكت واليوم ثكلــى
فهل في الغد حلم العائدينـا ؟
دعوا الآمال تجري في ربانا
ولا تخشوا صروح المجرمينا
وكونوا في اللقاء مع المنايا
بنبل الرجال ما تخطته السنينا
ونحــن الــعُرب فينا كل مجد
وفينـا العدل والعلــم المتينــا
وفينا الجود مثل السيل يجري
بأنهــار الرجـــال السالفينــا
وفينا من رسول الحق شمسا
أضاء الكون فيها الساجدينا
ونــــور الله أسبغــه علينــا
فسرنــا في دروب العائدينـا
بنور المصطفى نبني جهادا
كمالا في العلا والأُسْد فينــا
فــلا نصرا يدوم بــلا كفاح
ولا همــا يزول بــلا أنينــا
ولا فجـرا يعود بــلا ظــلام
ولا هجــرا يُلـم إذا ابتلينـا
فكـم من قــائد أبلا وأمسـى
بـلا جند ولا جيش متينــــا
وحال الكون فينا مذ عرفنا
فــلا فرح يدوم ولا حزينــا
ولا حب يــدوم ولا غرامــا
ولا عشق تمنى العشق فينا
يمر اليوم والأعمار تمضي
مع الأقدار والحب الدفينــا
فــلا قيس تمتــع في هـواه
ولا ليلى أتت وصـلا تمينــا
بنيت الصدق للإخوان جمعــا
فكيف الـهدم لا يبقي دفينـا
أحب النــاس في وجـد وعمـق
وأفرح إن بنوا في الوصل دينا
وأحزن عند مفترق الرزايــا
وابكــي أدمعــا كانت يمينا
وخلّــي لــم يكن خِــلاّ وفيـا
كنــار الليف تخفى بعد حينا
لقد شـاب الفؤاد فلم يعد لي
بهذا الـعمر شهـد العاشقينا
أأمر من فراق شــل عمــري
من النجوى هيام الظالمينــا
وكــان البعد أصدقهم وفـاءا
وأطيبهم إلـى قلبــي ضنينـا
فهـذا الشيب ألبســه اخيـرا
وأنئى عن طريـق العاشقينـا
وأصنع من ظلام البعـد عهــدا
أضـيء بـه ليالـي الغابرينا
وإنــي والفرات أعيش عذبـا
فهل بعد الفرات لنــا معينــا
وهل ليل الحبيب يعود عفوا ؟
فــأغفو بيـن جفنيــه ركينـــا
فكم شربت مـن الفراق كؤوسـا
وكم عــانيت من سوْط مهينــا
فــأرفع للسمـــاءْ يدي وقلبـي
وأســأل خالقي دومـا وحينـا
أنــا العبد الذي أرجوه دوما
وأسأله لطفا قبـول التائبينــا
فمــــن غيــره ربّــا كريمـا
إذا جــار الزمــان علي حينا
فــأشكره على النعماء جمعـا
فنعـم الخــالق الحق الأمينــا
شعر : محمد شرف الشريف المدلي
عمدة التوبي السابق القطيف
المملكة العربية السعودية